Imprimer

الألوهة الواحدة بالثالوث.
عظة للقديس غريغورويوس اللاهوتي:

 

عندما أذكر الّله ًفليُنِركم نور واحد، وفي الوقت ذاته أنوار ثلاثة من حيث(الخواص) أي ثلاثة أقانيم، إذا شاء أحدكم أن يسمي الخواص أقانيم أو أشخاصاً (ولا خلاف في التسمية ما دامت هذه الكلمات تعني شيئاً واحداً).
الألوهة واحدة في الجوهر تنقسم بدون انفصال أو تجزئة، وتتحد وتبقى منقسمة لأن الألوهة واحدة في ثلاثة أقانيم، والثلاثة الأقانيم جوهر واحد في الألوهة.

إننا سنتحاشى التطرّف والحذف غير جاعلين من الوحدة تشويشاً ومن الإنقسام فعلاً وغربةً حتى يبقى موقفنا بعيداً عن مذهب سيفيليوس في مزج الأقانيم، ومذهب آريوس في التقسيم والتفريق بين الأقانيم، وكلا المذهبين غارقان في الضلال، وكلاهما في اعتبار واحد من المذهب وشر الاعتقاد. لأنه ما هو الموجب إلى هذين المعتقدين الرديئين في المزج والتفريق؟

إننا نعتقد بإله واحد، الآب الذي منه كل شيء، ورب واحد يسوح المسيح الذي به كان كل شيء، وروح قدس واحد الذي فيه كل شيء. الأقانيم الثلاثة هي بلاهوت واحد.

ولكي يربط الّله بين السماء والأرض، وُتملأ الدنيا بمجد الله، خلق الإنسان الذي أكرمه بالصورة الإلهية. ولما سقط الإنسان في الخطيئة، وابتعد عن ربه بحسد الشيطان، لم يتغافل عنه ولم يهمله. ماذا حدث؟ وما هو التدبير في استدراك هذا السقوط؟ وما هو السر الرهيب العجيب الذي صار من أجلنا؟ تتجدد الطبيعة، والله يصير إنساناً ويسمّى ابن الإنسان لا يعني هذا أنه تغيّر مما هو عليه، فهو غير متغير، بل اتخذ ما لم يكنه (لأنه محب للبشر) فيصير غير الموسوع موسوعاً، ويخاطبنا بالجسد كما هو من وراء الحجاب. لأن الطبيعة البشرية الخاضعة للفساد لاتستطيع أن تحتمل ألوهيته إذا ظهرت. ولذلك اتحد الشيئان المتضادان: الولادة مع البتولية، وغير المتألم مع الألم، وغير المائت مع الجسد المائت! وبما أن مخترع الشر ظن أنه لا يُغلب ما دام قد خدعنا، انخدع هو ذاته بظهور المجد بمهاجمته لآدم الجديد فاصطدام بالله، وهكذا خّلص آدم الجديد آدم القديم، وحلّ دينونة الجسد مميتاً الموت بالموت.
آمين